وتمتاز تلك الرسوم
بسمات خاصة وتعمل علي عكس سمات الطفولة بكل أبعادها الجسمية والنفسية والعقلية
والأخلاقية في كل مرحلة من مراحل النمو وتدخل الأساليب التي يتبعها الأطفال في
التعبير ضمن إطار هذه السمات والتي تمكن العلماء منذ بداية هذا القرن وقبله
الإلمام بكثير منها.
والنظرة السليمة لتلك الرسوم يجب أن تأخذ بعين الاعتبار
الروح الابتكارية لدي الأطفال التي تتحدي بها أفكار البالغين وابتكاراتهم في أحيان
كثيرة، وبالنظر إلي سمات رسم الطفل ومظاهر التفكك والاستهتار أو العفوية وغيرها من
المظاهر التي تبدو علي رسم الطفل مثال للتخلف فإنها ذات فائدة كبيرة في تشخيص حالة
الطفل ومعانته وكل ما يخالجه من مشاعر داخلية.(العطيفى 2013: 14)
التعريفات والتفسيرات
العلمية لرسوم الأطفال عند بعض علماء ورواد التربية الفنية:
تعرض
الكثيرون لمصطلح رسوم الأطفال حيث نجد أن (المعجم الوسيط، د.ت، 123) عرفها علي أنها " الأثر الباقي في ورقة،
وهو ما يرسم الطفل بالقلم أشكالا أو صورا أو خطوط ".
ويعرف "فرانز تسزك Franz Cizek " رسوم الأطفال بأنها
ذلك التعبير الفطري أو التلقائي للأحاسيس الداخلية لهم من خلال خبراتهم المتصلة
بالبيئة ويضم بذلك كل التعبيرات ذات البعدين وبكل الخامات شرط توافر القيم
التشكيلية مثل التكوين، الوحدة، الاتزان، الإيقاع ... إلي غير ذلك
بينما يرى "هاريس
Harris" أن الطفل يرسم "ما يعرفه لاما
يراه" وهو يرى من هذا المنطلق أن الطفل يرى الأشياء ويدركها بحواسه ثم
يرسم ما ترسب في عقلة عن هذه الأشياء، وليس ما أمامه في الطبيعة أي كما يدركها هو
في داخله حيث يحولها إلي موجزات شكلية واضحة في رسومه. (الهجان، 1992 :10)
فلو نظرنا لرسم الطفل فى الشكل (1) ألى أمامنا لطفل (10
سنوات) وهو يعبر عن (الأتوبيس) رسم واقع ووظيفة الشيء العام وليس واقع مظهره .....
فما يعني توضيحه فى الرسم هو عجلة القيادة والسائق والركاب والمقاعد، وكيف يجلس
الركاب وكيف يجلس السائق أهم للطفل من منظرها الخارجي وهذا الجزء هو المهم منها
بالنسبة له، فظهر فى هذا الرسم بوضوح خاصية الشفافية ليكشف ما تستره الأشياء، فهو
يري من خلال السطوح سواء كانت شفافة أو غير شفافة، فالطفل يرسم مفهومه وخبراته عن
الشيء، وهذا يؤكد تفسير فيكتور بأن الطفل يرسم "ما يعرفه لاما يراه"(العطيفى 2013: 15)
شكل (1) |
ويتفق " شارل لالو" مع "مارجريت"
و"هاريس" بأن رسوم الأطفال هي مؤلفة تعتمد على الذاكرة أو التخيل
دون نقل نموذجاً لتخطيط ذهني و نفعي، والطفل يرسم من الشيء ما يعلمه وما يستعمل
منة أكثر مما يرى فيه (لالو، شارل، 1980: 28)
فلو
نظرنا لرسم الطفل فى شكل (2) لطفل (11
سنة) وهو يعبر عن موضوع (جنى البرتقال) رسم الطفل الشخص الذى يقتطف الثمار مبالغاً
في طول ذراعه التي يستخدمها ويستعملها في الحصول علي الثمار تأكيدا لوظيفتها
بالنسبة لموقف جني الثمار،فتظهر المبالغة بوضوح فى رسم الطفل، وهذا يؤكد على ما
يتمتع به الطفل من خيال طليق في مرحلة الطفولة الأولي يجعله قادراً علي تصور بعض
الصفات الخيالية علي أنها واقعية وممكنة، ...... فهو لذلك قد لا يفرق بين ما هو خيال
وما هو واقع .(العطيفى 2013: 16)
شكل (2) |
أما
"عبلة حنفي" (1989: 88-89) فقد اعتبرت الرسم أحد وسائل اللعب
التي تعكس نفسية ومظاهر طفولته، لأنه يعبر فيه بأسلوب حر طليق يحمل كل أحاسيسه
ومشاعره سواء قُبلت التعبيرات أو رفُضت من العالم الخارجي فتعبيراته لا تقوم بناءا
علي قواعد قوانين، كما أن رسوم الطفل تمثل
حاجة ضرورية له لأنه يعبر من خلالها عن رغباته وحاجاته التي لا يستطيع التعبير عنها في الواقع، ولذلك فرغبة الطفل في الرسم ليست
رغبة سطحية جوهرها التقليد، وإنما هي رغبة نابعة من رغبته في التعبير عن نفسه
والتنفيس عن بعض مخاوفه وإسقاطها في رسومه التي تكون اقرب إلي روح الخيال منها إلي
روح الواقع.
ويتضح
ذلك فى شكل (3) لطفله (7 سنوات) فى موضوع موضوع الخوف ظهر بالرسم اسقاط مخاوف
الطفلة من شخصية وهمية يتم تخويف الطفله بها من قبل اسرتها وهو (العفريت عفركوش)،
.... فأظهرت صورة خيالية لما كونته من صورة ذهنية عن ذلك العفريت وأسقطته فى
رسومها .... فظهر الرسم قريب لروح الخيال منها إلي روح الواقع، ... ويعد ذلك وسيلة
صحية هامة للطفل.
شكل (3) |
بينما
يري "مصطفي عبد العزيز" (2014: 109) أن
رسوم الأطفال في أحسن حالاتها هى تعبيرات ابتكاريه يقوم بها الأطفال.
ويري "محمود العطيفى" رسوم الطفل تعبير
تلقائي فطرى من التخطيطات الحره تعكس أفكاره وانفعالاته وعالمه الخاص، فهي محصلة
ما انطبع في ذهنه من مفاهيم وخبرات عن البيئة، ومن تعامله مع الآخرين، كما أنها
لغة تعبيرية مرئية رمزية، يحاول بها التعبير عن تلك المفاهيم، شانها شأن الكلمات،
كلغة ورسائل موجهة إلى العالم الخارجى، أو إلى نفسه، ويتضح من خلالها أن الطفل
يرسم ما يعرفه لا ما يراه إلي أن ينمو وينتقل تدريجيا لواقعه ويرسم ما يراه. (العطيفى 2013: 19)
ويعرف
"محمود العطيفى" رسوم الأطفال بأنها لغة عالمية يشترك فيها كل
أطفال العالم من حيث رموزها التشكيلية والفنية تختلف فقط في سماتها البيئية، وهو
بمثابة اللغة التي يتواصل بها الطفل مع الآخرين حينما لا يستطيع التحدث باللغة
اللفظية، لينقل لنا أفكاره، وأحاسيسه وانفعالاته ومشاعره، فالرسم معنى عقلياً أكثر
منه معني جمالياً، فهو لغة لمن يعانون من نقص اللغة، أو من وجود صعوبات لغوية،
تعوق عملية تواصلهم مع الآخرين. (العطيفى 2013: 19)
المراجع
صدقي،
سرية عبد الرازق (1988). تعليم الرسم كمدخل للتنمية الثقافية الشاملة للطفل العربي
، القاهرة ، المجلس العربي للطفولة والتنمية.
عثمان،
عبلة حنفي (1979). الدلالات النفسية بين رسوم البنين والبنات في المرحلة
الإعدادية، رسالة دكتوراه، كلية التربية الفنية، جامعة حلوان
العطيفى، محمود حسن (2013) تطور فنون الأطفال والبالغين، القاهرة، نشر خاص.
لالو، شارل (1980). مبادئ علم الجمال، ترجمة خليل شطا، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة.
لالو، شارل (1980). مبادئ علم الجمال، ترجمة خليل شطا، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة.
المعجم
الوسيط (د.ت). مطابع الأميرية، القاهرة.
الهجان،
حسن (1992). الدلالات الشكلية المميزة لرسوم الأطفال ما قبل المدرسة ذوي النشاط
الزائد، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة المنيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق